فتحُ بيت المقدس (القدس)
المقدمة :
فتحُ بيت المقدس.......................
بعد أن فرغ (أبو عبيدة بن الجراح) من فتح دمشق كتب إلى أهل إيلياء - القُدس - يدعوهم إلى الإسلام أو الجِزْيَة فرفضوا فحاصرهم ، وكان (عمرو بن العاص) لما فتح غزة قد أرسل إلى (أرطبون) أمير إيلياء كتابًا للصلح قبل ذلك فقال أرطبون: «لا يفتح والله عمرو شيئًا من فلسطين بعد أجنادين ؛ صاحبُها رجلٌ صفته كذا وكذا ، وذكر صفةَ عمر بن الخطاب» فكتب إلى (عمر بن الخطاب): «إنى أعالج عدوًّا شديدًا وبلادًا قد ادُّخِرتْ لك» وكتب (أبو عبيدة) أيضًا كتابًا بذلك إلى (عمر) وسواء كان أهل القدس قد استسلموا لأبى عبيدة أم رفضوا ذلك فقد سار الخليفة بجيشه إليهم ،
وكتب (عمر) إلى أمراء الأجناد أن يُوافُوه بالجابية فكان أول مَن لقيه (يزيد بن أبى سفيان) و(أبو عبيدة) ثم (خالد) ، ثم (عمرو) و(شرحبيل) رضى الله عن الجميع ،
لما دخل سيدنا (عمر) الجابية نزل عن بعيرِه وخلع حذاءه وأمسكه بيده لوجود بركةٍ من الماء فخاض الماء ومعه بعيره ، ولما استغرب ذلك (أبو عبيدة) قال له الخليفة: «إنكم كنتم أذل الناس وأحقر الناس وأقل الناس فأعزَّكم الله بالإسلام ، فمهما تطلبوا العزّ بغيره يذلكم الله» ثم سار حتى صالح نصارى بيت المقدس ودخلها سنة ١٥ هـ وجاء إلى الصخرة فاستدلَّ على مكانها من (كعب الأحبار) الذى كان يهوديا وأسلم ،
وكان المسجد الأقصى وقتها عبارة عن سور فقط يحيط بمساحة فارغة ،
أمر (عمر) بتنظيف الصخرة وبدأ ينقل التراب عنها فى طرف ردائه ، وكان الروم قد جعلوا الصخرةَ مزبلةً لأنها قِبْلَة اليهود ، وذلك ردًّا على اليهود الذين ألقوا القمامة فى مكان صلب شبيه عيسى ابن مريم حتى سُمِّى ذلك الموضع "القمامة" ثم بنى فيه النصارى كنيسة القمامة (كنيسة القيامة) ، وأراد (عمر) بناءَ مسجدٍ فأشار عليه (كعب) بجعل المسجد من وراء الصخرة - وبذلك يكون من يتجه إلى الكعبة سيضطر لاستقبال الصخرة - فوبّخه (عمر) وجعل المسجد أمام الصخرة وهو المسجد العمرى ذو القبة الرصاصية "المسجد القِبلى" الذى يعتقد البعض أنه هو فقط المسجد الأقصى لكنه مجرد جزء من الأقصى ،
وكتب (عمر) لأهل المدينة العهدة العمرية وفيها: «بسم الله الرحمن الرحيم ، هذا ما أعطى عبد الله عمر أمير المؤمنين أهل إيلياء من الأمان ، أعطاهم أمانا لأنفسهم وأموالهم ولكنائسهم وصلبانهم وسقيمها وبريئها وسائر ملّتها أنه لا تُسكن كنائسهم ولا تُهدم .. ولا يُكرهون على دينهم .. وعلى أهل إيلياء أن يُعطوا الجزية كما يُعطى أهل المدائن وعليهم أن يُخرِجوا منها الروم واللصوص ، فمن خرج منهم فإنه آمنٌ على نفسه وماله حتى يبلغوا أمنهم ، ومن أقام منهم فهو آمن وعليه مثل ما على أهل إيلياء من الجزية .. وعلى ما فى هذا الكتاب عهدُ الله وذمّة رسوله وذمة الخلفاء وذمة المؤمنين ، إذا أعطوا الذى عليهم من الجزية» وبينما كان (عمر) يُملى هذا العهد حضرت الصلاة فدعاه البطريرك (صفرونيوس) للصلاة حيث هو فى كنيسة القيامة ولكنه رفض وقال له: «أخشى إن صلّيتُ فيها أن يغلبكم المسلمون عليها ويقولون هنا صلى أمير المؤمنين»
لم يكن سيدنا (عمر) ولا الصحابة الذين فتحوا القدس فلسطينيين يوالون حدودا من تراب رسمها الأعداء ، ولم يفتحوا البلاد باسم العروبة بل كانوا يقاتلون تحت لواء الإسلام فقط ويعتقدون أن أى أرضٍ حكمها الإسلام ولو ساعةً واحدة فهى أرضٌ إسلامية يجب على كل مسلمٍ الدفاعُ عنها أو استردادُها ، وظل الوضع على هذا حتى سقطت الدولة العثمانية فى القرن الماضى وبدأ الأعداء يقسّمون بلاد المسلمين ويستبدلون رابطة الإخوة الإسلامية بأفكار القومية المقيتة ثم الوطنية البغيضة التى نعيشها الآن بمعنى أن يكون المسلم فى بلدٍ ما مواليا لغير المسلم فى بلده وقد يتحد معه فى وجه مسلمٍ آخر فى بلدٍ أخرى!
تعليقات : 0